 لم يعد غريبا علينا كشعب عراقي وفي بداية كل سنة ومع توقيت اقرار الموازنة السنوية حدوث ازمة وتقاطع وتراشق وتجاذبات وجس نبض للشارع وبالنتجية يحسم الامر بتصويت توافقي بمباركة زعامات الاحزاب السياسية وبما ان العراق هو البلد المختلف عن كل بلدان المعمورة في كل شي فمن الطبيعي ان تكون الية وطريقة اقرار موازنة مختلفة عن اليات كل دول المنطقة والعالم ولاسباب مختلفة سنأتي على ذكرها بالتفصيل. فقبل الدخول في سرد اسباب اختلاف الية اقرار الموازنة وتأخيرها لابد من الاشارة الى ماهي الموازنة وماالفرق بينها وبين الميزانية ؟فالموازنة هي ارقام تقديرية وتخمينية تضعها الحكومة بناء على حجم الايرادات والنفقات لمدة سنة واحد وخمس سنوات للبلدان المستقرة والتي يعرف عنها بالخطة الخمسية ترسلها الحكومة للمؤسسة التشريعية للتصويت عليها بعد اجراء التعديلات المطلوبة والفرق بينها وبين الميزانية فأنها تتحول الى ميزانية بعد اقرارها والتصويت عليها فتصبح اموال وابواب صرف .المعتاد في كل حكومات الدول الاخرى يتم اعداد الموازنات من قبل متخصصين في مجال الادارة المالية والنقدية بأستشارة الوزارات والجهات المعنية وبمنتهى الحرص والمهنية وقمة الشفافية وبنسب عادلة وحسب الحاجة الفعلية لكل وزارة وهيئة مع اعطاء اولوية للقطاعات المهمة والتي لها علاقة مباشرة بحياة المواطن كالتربية والتعليم والصحة والاخذ بنظر الاعتبار مجالات التنمية والمشاريع الاستراتيجية في كل المجالات فلا مجاملات ولا مزايدات ولا اعلام ومؤتمرات صحفية ولا مهاترات وكل ذلك يجري في نهاية كل سنة ليتم اعداد الموازنة مع بداية السنة التي تليها وان يتم اقرارها في شهر كانون الاول واعتبارها ميزانية اعتبارا من شهر كانون الثاني .في العراق الوضع مختلف تماما فكل شي يخضع لرغبات واهواء السياسين والسياسة وكل شي يدخل ضمن خانة التحاصص والحصص وكل شي يجري وفق مبدأ التوافق السياسي فمن الطبيعي ان يولد قانون الموازنة ولادة عسيرة والعرف السائد في العراق منذ 2003 ان مسودة الموازنة تأتي من الحكومة الى البرلمان بعد التصويت عليها داخل مجلس الوزراء وارسالها الى البرلمان وبما ان شكل النظام السياسي العراقي هو برلماني توافقي تحاصصي فأن كل الكتل السياسية البرلمانية لها ممثليها داخل مجلس الوزراء فبعد وصولها للبرلمان تصبح تحت يد اللجنة الماليه والتي هي اصلا مشكلة على اساس التمثيل لكل كتلة ممثلها ومع ذلك تبقى موازنة الدولة العراقية سنويا هي محل جدل واسع بين الاوساط الشعبية والسياسية فلا يحكمهم التوقيت الدستوري للموازنة ولا قانونية الصرف خلال فترة التأخير فنجد ان التصويت خلال شهر شباط او اذار وهذا مالم يحصل في الحكومات التي تحترم نفسها وشعبها .العائق الابرز والاهم الذي يعرقل الموازنة ويؤخر ولادتها في البرلمان هو تقاطع مصالح الكتل السياسية واختلافاتها حول نسب توزيع الاموال لان كل الاحزاب المتصارعة هي تملك شركات ووزارات وهيئات تدير مشاريع مهمة وغالبا لا تنتهي هذه التقاطعات الا بتدخل الزعامات الكبيرة بنفسها وبعد كل هذه المعمعة تنتج موازنة حكومة وليست موازنة شعب فالترليونات اغلبها تخصص للوزارات والجهات الحكومية والاوقاف المملوكة للاحزاب بقي امر مهم يعيق ويعرقل الموازنة في كل عام الا وهو استثمار واستغلال حاجة فئات من ابناء الشعب لتجيرها انتخابيا فنحن في العراق ومع بداية كل موازنة هنالك العديد من الشرائح تنتظر اقرارها لتوظيفهم ودمجهم ضمن الملاك كالعقود والاجور والمحاضرين والمفسوخة عقودهم والمعتصمين فهذه الفئات يتم استثمارهم كأصوات انتخابية او قاعدة شعبية .فهذه جميعها اسباب تجعل التصويت على قانون الموازنة امر معقد وصعب ومختلف عن كل بلدان الكون والادهى من ذلك ان موازنة العراق سنويا هو تصاعدي ورقم مهول مقارنة بموازنات دول المنطقة اذا ما اخذنا عدد سكانها بالحسبان.
أرسلت بواسطة: أدارة الموقع | التاريخ: 07-02-2021 | الوقـت: 02:28:20 مساءا |
|