 بقلم ساجد الدوري
استوقفتني .. كلمات ابن خلدون، إذ يقول” إن العرب لايحصل لهم الملك الابصيغة دينية او ولاية، او اثر عظيم من الدين، بسبب خلق التوحش المتأصل فيهم (أرى ان مفردة التوحش قالها ابن خلدون امام من يحظى بالتقرب منه وقد يكون ليس عربيا،” فأبن خلدون كما كتب عنه يتقرب من السلاطين من اجل المكاسب والنفوذ والمال)) وهم من اصعب الامم انقيادا” بعضهم لبعض، فالأنفة وبعد الهمة والمنافسة في الرياسة فقلما تجتمع اهوائهم..
لقد استوحى الغرب هذه الفكرة بعمق، حتى انه لم يذهب بعيدا” في أشواط التلاعب بميدان الفكر العربي، الذي يعد الركيزة التي بنى الاسلام عليها انفتاحه على الأمم، فالحقيقة ان العرب لم يعرف لهم شأن عبر العصور ماقبل الاسلام إلا من خلال ذلك، فكانت حوادث الصدمة والرعب، دولاب يرتفع وينخفض، او بندول يذهب بالعرب شرقا” ويعيدهم غربا” بحركة منتظمة.
فكان.. لحيلة تفجير المراقد في العراق والخوف من ان تطال اليد الى السيدة زينب في سوريا، أولى البواكير لصناعة الرعب والفوضى وبعثرة المنطقة.
يقتضي سياق تطبيق الحوادث التفاهم بين كسرى وقيصر إمبراطوريات الفوبيا من العرب على مشترك واحد، ألا وهو التخادم والتصافح المرحلي من اجل تدمير الفكر النهضوي العربي الاسلامي.
لم تكن فكرة إشاعة الحروب الطائفية بعيدة عن تحت الطاولة، او موضوعة تحت اليد، عن اعين الفكر الغربي الصليبي او الكسروي، فليست الحروب الصفوية العثمانية عن ذلك ببعيد، التي تأتي أكلها كل حين، متى حان الوقت او شاءت الظروف، او تهيأت الأحداث والمناخات، فاطلق العنان لكلاب الغرب بالوكالة، لتنال طعامها كما ارادت دوائر القرار..!
لقد صدر القرار بالإجماع بعد ان تهيأت الفرصة الذهبية دون ضياع لعامل الوقت، لأستئجار بندقية القاعدة واخواتها والمليشيات وبناتها الخارجة عن الطبائع البشرية، لتقول كلمتها على ساحة الدماء والتهجير، ومنحت كافة الدعم عن ملاحقة قبضة القانون والمحاكمات الدولية، وان يفتي لها عمائم السوء من الذين اكتسبوا الدورات والخبرات في دوائر المخابرات العالمية، ودوائر صناعة الأحداث، لتسقط دين العرب من اعين العامة، ولتعمق شكل العداء بين الشرق والغرب، وان يفسح لها مساحات واسعة للتمدد والاستحواذ دون مسائلة، فسال الدم العربي وتبعثرت حقول الإنسانية على نجيل المحاكمات الفورية والقتل على الهوية، فحصدت عواصف الدماء كل أخضر ويابس، لترفع مزامير تل ابيب أصواتها وتدق نواقيس البيت الابيض، وأوقدت نار كسرى احتفالا بالنصر على العرب، ووطئت بساطيل الفرنجة بغداد ارض الرشيد، وسجلت للعمالة براعة اختراع، واصبحت دمائنا فرصة للظفر بجائزة نوبل للسلام، لمن نهب وسلب، وتحرير بلدان العرب من العرب…!!!
إن أساس المشكلة يكمن في قواعد المثل العليا، وتقاطعات لمفاهيم كثيرة بين العقل الغربي والعقل العربي..
فكيف يقبل العربي ان يصدق او يثق بمن أتى بعلمانية الدولة الغربية، او من تحت غطاء المدنية لايعرف له أبا او يجيز المثلية والتطبيع، او من سارق لبس العمامة يتحايل على النساء والغلمان في الزوايا والتكايا والمراقد، لايعرف من الشرف إلا اسمه ولامن الدين إلا رسمه ولايدين بديانة العرب، ان يبني لنا دولة على أسس ومبادى الحكم الرشيد.؟؟؟؟؟
كيف.. أثق بالذي باع عقله للغرب وإرادات من اراد للبلد سوءا وأصبح جسدا يتحرك بين ثنايا أطلال قيصر وكسرى، التي أكلها العرب وتبرزو نفاياتها في مزابل التاريخ.؟؟؟؟
كيف…لنا ان نضع قاعدة لتلاقي الأنهر بين الشرق والغرب، ثقافة الغرب تعتقد ان الثقافة العربية الاسلامية عودة الى الوراء حدودها (خيمة وجمل) ووأد للبنات.
انها الحقيقة التي يخشاها ايوان كسرى في المدائن وقيصر روما، من وراء عودة العرب، فمازال الغبار الذي اثارته حوافر خيول العرب على جبال البرنس وموناكو غربا”وأتون جبال الصين شرقا” تثير الرعب والفوبيا من عودة المارد العربي مجددا“…!
نحن نعيش أزمة حقيقة لمفاهيم وزوايا رؤيا متقاطعة وحقيقية، اقل مافيها حول سياسي دائم، وعمى ألوان مستدام..!!
لايرى الغرب بدا”غير أضعاف وتدمير ثقافة العرب على مراحل، وبناء ثقافات على أطلالها، تعنى بالكذب والخداع والدسائس، وطمس للهوية ومحو للذاكرة من العقول، فمعرفة (مسي) والتعلق برشاقة تعامله مع الكرة، افضل من البحث عن معرفة اول من رفع الآذان في نوادي قريش، والاستمتاع برقصات وغناء مغني الروك مايكل جاكسون او ديمس رويسز، افضل من الاستمتاع بتغريدة المنشاوي لقصار السور، او الوقوف للتصفيق المتواصل لنادي ريال مدريد وبرشلونة على طول إقامة المباراة لقتلهم المسلمين شر قتله في الأندلس ومحو تواجدهم من الذاكرة، لن يبقى وقت للشباب العربي لألتقاط انفاسه لهويته الضائعة غير الاستغراق بنوم عميق فأن الوقت قد أزف لذلك..!!
لم تكن للألعاب النارية في ساحات النصر احتفاء” بشرب نخب العقال العربي ، غير نزهة واستجمام ليتمتع بها جهال السياسة وصبيانها ممن التصقت بثيابهم العمالة والرذيلة، استهوت عقولهم الألوان الزاهية لثقافة الغرب الكذابة، لكن عزلة وألم كبار العقول العربية، تنبئ بأن القادم اسوء، وان العرض الماجن امام عري النساء ورقصات الرجال بعد ثمالة، تستهدف رأس النسيج المجتمعي، فالعرب بعيدون كل البعد عن ثقافات الغرب المستوردة، التي جعلت المرأة على سبيل المثال لا الحصر… سوقا”رسميا” للأبتذال والمتعة لأي عدد من الرجال دون تحديد وحرمة للنسل والحرث، في الوقت الذي حددت ثقافة العرب علاقة الرجل بالمرأة، بالسكن والود والرحمة دون ضياع للحرث والنسل، وان لاتتعدى بأربع زيجات تكاد تكون صعبة المنال لعدم تحقيق العدل، لم تكن في مخيلة العرب ان تبنى العلاقة بين الغرب على أساس زواج المثليين، وأنه عرف سائد ومحط إعجاب مثقفو الغرب، لتنويع مصادر دخل الانحطاط الأخلاقي.!!
لن تسمح ثقافتنا ان تتعرى المرأة امام الرجال تحت الشمس وامام العامة كما هو الحال على بلاجات الشواطئ والبحيرات.!!
غيرة العرب وأنفتهم تأبى ان يكون حالهم كحال الغرب وطبائع شعوبها، كما سرد ابن خلدون في المقدمة..!!!
سقطت اقنعة المحررون الجدد، فالشعب يعيش غربة في وطن، ومزقت ثيابه بين المكونات، ويمد اليد من اجل ان يأكل، وجعلوا المرأة الحرة تستجدي، ومن لم تجد تبيع بثديها دون الغريزة، فالفقر كاد ان يكون كفرا”. وشباب يتسكع بين المقاهي والمولات الفارهة، لايعرف له طريق لسبل الحياة الكريمة، وآخرون اتخذوا من الرياضة منزلا”لقتل الوقت والنقاهة، والكثير منهم يبحث عن فرصة عمل امام شرفات الوزارات، فلن يجد إلا بدفع الاتاوات، والبعض دخل عالم المخدرات ليذهب بخياله الى عالم النسيان والأماني، وأصبح الآذان ضوضاء، والصلاة في المساجد شبهة، وقراءة القرآن تنبئ بفاجعة لمسلم، وأصبحت العادة ان القسم بالمخلوق لابالخالق عبادة، وكثرت الحانات وبائعات الهوى، وصارت الجريمة المنظمة فرصة عمل….!!
ويعيب ابن خلدون على العرب انهم متوحشون..؟؟!!
أرسلت بواسطة: أدارة الموقع | التاريخ: 05-03-2023 | الوقـت: 11:26:54 مساءا |
|