مخاطر الارهاب في سوريا على العراق ... بقلم: [دكتور قاسم الحطاب ]
مقدمة
منذ نشأة تنظيم “داعش” الإرهابي في العراق وسوريا، شكّل تهديدًا مستمرًا للأمن الإقليمي والدولي، ولا تزال فلوله تشكّل خطرًا حقيقيًا، خصوصًا في المناطق الحدودية بين العراق وسوريا. ورغم الهزائم العسكرية التي مني بها، إلا أن التنظيم ما زال يحتفظ بخلايا نشطة، تستغل هشاشة الأوضاع الأمنية والفراغات الإدارية في بعض المناطق، مما يهدد الأمن العراقي بشكل مباشر.
أولاً: الوضع الأمني في سوريا ووجود فلول داعش
منذ عام 2019، بعد سقوط الباغوز آخر معاقل داعش المعلنة في سوريا، تراجعت سيطرة التنظيم ميدانيًا، لكنه تحوّل إلى خلايا نائمة تمارس حرب العصابات والاغتيالات والهجمات المتفرقة، خصوصًا في البادية السورية والمناطق القريبة من الحدود العراقية. وتستغل هذه الخلايا التوترات الداخلية في سوريا، ووجود قوى متضاربة (كالنظام السوري، المعارضة، قوات قسد، التحالف الدولي، والقوات الإيرانية)، ما يمنح داعش بيئة خصبة لإعادة تنظيم نفسه.
ثانيًا: التهديد المباشر للعراق
يشكل وجود فلول داعش في سوريا تهديدًا مباشرًا للعراق لعدة أسباب:
1. الحدود الطويلة والمفتوحة: تمتد الحدود بين البلدين لأكثر من 600 كيلومتر، تتخللها مناطق صحراوية وجبلية وعرة، ما يجعل من الصعب ضبطها بالكامل.
2. سهولة التسلل وتهريب الأسلحة: تستغل الجماعات الإرهابية ضعف السيطرة في بعض المناطق الحدودية للتسلل وتهريب المتفجرات والمقاتلين.
3. الخلايا النائمة في العراق: لا تزال بعض الخلايا الداعشية في العراق على تواصل مع قيادات في سوريا، وتنسق عملياتها عبر الحدود.
4. تهديد السجون ومخيمات الاحتجاز: وجود آلاف من عناصر داعش وعائلاتهم في مخيمات مثل الهول وروج في سوريا، يشكل قنبلة موقوتة تهدد العراق والمنطقة في حال انفلات الأوضاع الأمنية أو فرارهم.
ثالثًا: استغلال الأوضاع السياسية في العراق
يستغل داعش التوترات السياسية، والصراعات الحزبية، وضعف الأداء الحكومي في بعض المناطق ذات الغالبية السنية، لإيجاد موطئ قدم جديد، خاصة في محافظات مثل ديالى، كركوك، نينوى، وصلاح الدين. كما يستفيد التنظيم من بطء وتيرة إعادة الإعمار وغياب الخدمات، لتعزيز دعايته وكسب مؤيدين جدد.
رابعًا: الاستراتيجية المطلوبة لمواجهة الخطر
لمواجهة خطر فلول داعش في سوريا، على العراق أن يعتمد جملة من الإجراءات المتكاملة، منها:
1. تعزيز أمن الحدود من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة والطائرات المسيرة وزيادة عدد القوات على الشريط الحدودي.
2. التنسيق الاستخباراتي مع التحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية لضبط تحركات عناصر داعش ورصد خطوط إمدادهم.
3. تحسين الأوضاع الخدمية والمعيشية في المناطق المحررة لمنع عودة الحاضنة الشعبية للتنظيم.
4. وضع خطة لمعالجة ملف المحتجزين في مخيمات سوريا عبر إعادتهم للعراق وتطبيق برامج تأهيل أو محاكمة عادلة.
رغم الهزيمة العسكرية التي تعرض لها تنظيم داعش، إلا أن خطره لا يزال قائمًا، خصوصًا من الجانب السوري، حيث البيئة الفوضوية ما تزال حاضنة له. وعلى العراق أن يواجه هذا الخطر بمقاربة أمنية، سياسية، واقتصادية شاملة، تحفظ أمنه الداخلي وتحول دون عودة الإرهاب إلى مدنه من جديد